الرقية والملح
السؤال
ورد عند كثير من الرقاة والمشايخ أمرهم الناس برش الماء والملح على عتبات البيت والزوايا لطرد الشياطين بعد تخليص البيت من الصور والتماثيل والكلاب، وإكثار الذكر فيه، وكثرة قراءة القرآن وخاصة سورة البقرة، فما رأيكم في ذلك؟ وما يلزم علينا فعله لتحصين البيت وطرد ما به من أذى، خصوصا مع وجود اشتباه إصابة البيت بالحسد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم لاستعمال الملح أصلًا في الكتاب والسنة، ولا في عمل السلف الأول، وقد رخص فيه بعض أهل العلم المعاصرين؛ كالشيخ/ ابن جبرين، وكذلك الشيخ/ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، كما في فتاوى ورسائل سماحة الشيخ/ محمد بنإبراهيم آل الشيخ (1/94).
ومنعه آخرون؛ كالشيخ/ ابن عثيمين، حيث سئل في لقاءات الباب المفتوح: هل يجوز القراءة على الملح ونفخه في أرجاء البيت للاحتراز من الشياطين وغيرهم؟ فأجاب: لا, هذا غير صحيح، قولهم: إنه إذا قرأ على الملح وذره في البيت لا تقربه الشياطين، هذا خطأ وليس بصحيح، ولا يجوز العمل به. انتهى.
والأَولى: تركه احتياطا
وأما ما ذكره ـ من أشرت إليهم من الرقاة والمشايخ ـ من تخليص البيت من الصور والتماثيل والكلاب فصحيح؛ لأن هذه الأشياء تمنع دخول الملائكة البيت، فيكون مأوى للشياطين، ففي الصحيحين وغيرهما عن أبي طلحة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة. وفي رواية للبخاري: ولا صورة تماثيل. وفي رواية لمسلم: ولا تماثيل.
وكذلك قراءة سورة البقرة من أعظم ما يعين على طرد الشياطين من البيت، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.
ما بالنسبة للمقال الذي نقل السائل بعضه، فهو صحيح في الجملة, وفيه مسألة هي محل نظر وخلاف بين أهل العلم، وهي مسألة استعمال الملح في الرقية، فقد رخص فيها بعض أهل العلم، كالشيخ ابن جبرين, وكذلك الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ كما في فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: 1/94.
ومنعها آخرون، كالشيخ ابن عثيمين، حيث سئل في لقاءات الباب المفتوح: هل يجوز القراءة على الملح ونفخه في أرجاء البيت للاحتراز من الشياطين وغيرهم؟ فأجاب: لا, هذا غير صحيح، قولهم: إنه إذا قرأ على الملح وذره في البيت لا تقربه الشياطين، هذا خطأ وليس بصحيح، ولا يجوز العمل به
الصلاة وقراءة القرآن في البيت من أعظم أسباب تحصيل البركة وطرد الشياطين عنه. ومن هذا الباب أيضا قراءة القرآن في ماء ورشه في زوايا البيت مع اجتناب رشه في الأماكن النجسة كأماكن قضاء الحاجة ونحوها، ولا فرق في هذا كله بين أن يكون البيت مسكونا أو غير مسكون فعمومات الأدلة قاضية بشمول الجميع.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. رواه مسلم.
وعن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا. رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفا عليه قال: إن البيت ليتسع على أهله وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويكثر خيره أن يقرأ فيه القرآن، وإن البيت ليضيق على أهله وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين ويقل خيره أن لا يقرأ فيه القرآن. أخرجه الدرامي.
والأحاديث والآثار في الباب كثيرة مشهورة
لحماية الأطفال من العين والحسد ينبغي اتباع الرقية الشرعية، وما ذكرت من آيات فهي منها، وتكون أيضا بقراءة الفاتحة وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة والإخلاص والمعوذتين، وبقراءة الأدعية المأثورة مثل: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك. رواه مسلم. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة. رواه البخاري.
وللوقاية من العين أيضا ينبغي المحافظة على الأوراد والأذكار الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الصباح والمساء فهذا من أفضل الوسائل التي يمكن للإنسان أن يصون ويحفظ بها نفسه وأولاده من الحسد والعين وغير ذلك من الأمراض.
أما حماية الراقي أو القارئ من الشياطين فهو بالتزام الرقية الشرعية أيضا، وبما سبق بيانه مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات. رواه البخاري.
الاستعانة بالله والالتجاء إليه فهو ملجأ المضطرين وغياث الملهوفين ومجير المستجيرين، ونوصيكم بالبعد عن المحرمات وإخراج ما في البيت من الصور وأدوات الموسيقى، وأكثروا من قراءة سورة البقرة خصوصاً الآيتين الأخيرتين منها، وأكثروا من تكرار آية الكرسي، لما في الحديث: اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة . رواه مسلم.
وفي الحديث: إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. رواه مسلم.
وفي الحديث: أن الله عز وجل كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقر بها شيطان. رواه الترمذي والحاكم والطبراني وقال الهيثمي رجاله ثقات وصححه الألباني.
وفي البخاري أن الشيطان قال لأبي هريرة: إذا أويت إلى فراشك فأقرأ آية الكرسي فإنه لن يزال عليك من الله حافظ،، ولا يقر بك شيطان حتى تصبح، ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال: صدقك وهو كذوب.
وحافظوا على قراءة الإخلاص والمعوذتين ثلاثا كل مساء وكل صباح، لما في الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفيك كل شيء. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني.
وأكثروا من تلاوة القرآن واعملوا برنامجا لحفظه، ويمكن أن تستعينوا في بعض الأوقات بتشغيل الأشرطة القرآنية، أو يتناوب أفراد الأسرة على التلاوة؛ فإن قراءة القرآن فيها حجاب من الكفار، قال الله تعالى: وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا {الإسراء:45}.
وحافظوا على الأذكار المقيدة والمطلقة، ففي الحديث: وآمركم بذكر الله كثيراً وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل. أخرجه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الألباني.
وأكثروا من الصدقات، وسؤال الله العافية، والدعاء آخر الليل وفي السجود
0 التعليقات:
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.